Wednesday, July 19, 2017

وحشتني ..







يركض معها في الأسواق
-
هذا لأمي
-
هذا لأختي , ,,
-
نعم , وهذا لوالدي
يخرج من هذا المعرض ليدخل غيره
يصل البيت متعباً و هي فرِحة بهذا الكم من الهدايا
ستذهب الى أهلها في هذه الإجازة
ستلتقي بهم بعد فراق عام كامل
سيرون أطفالها بعد عام كامل ومن المؤكد تغيروا وكبروا
فهاهي الإجازة الصيفية , والجميع يفعل هكذا
حان موعد الفراق




هو لازال يلهث في ساعات يومه
جزءاً منه مرصود للعمل حيث لم يحصل على إجازة
والباقي رصده لإتمام سفر زوجته معززة مكرمة الى أهلها
معاناة في داخله .. يحتاج الى راحة من عمله
بل يحتاج الى زوجته بجواره
من لديه غيرها لتقف معه
كيف يمنعها ؟
لا يستطيع , فهو من اختار زوجة من مدينة أخرى
وداعاً حبيبي ..
تقولها وهي تكاد تطير من الفرح
ثم تتوالى منظومة كلمات اعتادت على تلاوتها كتأبين أمام جنازة زوجها المذهول
اهتم بنفسك  ,  إتمشى , لا تجلس لوحدك , لا تغازل هههه ! , سلم لي على جيراننا

ثم ترفع قبعة العزاء  وتدخل الطائرة
يعود هو  حيث لم يعد هو
يبحث عن بقايا عقلٍ تشتت في وحدته القاتمة
الإجازة الصيفية
اعلانات في كل مكان
يعيش في مدينة تزهو بالصيف
مهرجان هنا ,  حفلة هناك , مسرحية , فيلم
لم يعد يستطيع أن يرى
تقف شوائب الفراق في وجهه
صورة زوجته
طفلته الصغيرة
ولده الجميل

يتذكر عندما كان معهم في الحديقة
يتذكر بكاءاً
ضحكات
عندما تطلبه إبنته مبلغاً للشراء من تلك العجوز التي تبيع الحلويات في الحديقة




يتذكر احداثاً في البيت
أين هم

لا أحد
يأتي منهكاً من العمل
ليجد كل شيء كما كان
 
فمن بقي في البيت ؟
لا أحد
قم أيها السيد المبجل وجرّب غسيل الصحون
وقم  واجمع القمامة من الغرف وضعها امام باب الشقة
جرّب  جرّب
يريد تغيير الجو
يخرج بسيارته الى شوارع مدينته الفسيحة
لايراها إلا ضيقة
لايعرف أن يذهب
كالتائه
كالمشرد
يعود فوراً الى بيته


في صورة مغايرة وفي نفس اللحظة
زوجته هناك في القرية
من وليمة , الى حفل زواج , يدعوها عمّها ثم تدعوها خالتها
حفلات وابتهاج
توزّع الهدايا  الأقمشة 
هذه تفرح
تلك تدعولها
والصغار يتسابقون ليقتسموا الهدايا
يحّل الليل  على الإثنين
الساعة الثانية عشرة
الزوجة في مجلس الرجال في بيت والدها
هي غرفتها المؤقتة عندما تزورهم كل عام
الأطفال ناموا فقد كان يوماً مليئاً باللعب والحركة بالنسبة لهم
تتذكر في هذه الساعة زوجها
وهو في نفس اللحظة
ملقى على أريكة الصالة
وأمامه بقايا عشاءه ,, لم يفكر حتى بجمع ماتبقى واعادته للمطبخ

يعتصر ألماً ,,

لم يتعود  أبداً أن يبقى لمفرده
وفوق هذا يجاهد في وظيفته نصف يومه
ليجاهد نفسه في البقية التالية من اليوم


ترفع زوجته هاتفها
لتكتب له رسالة :
وحشتني ياحبيبي

عجباً ... !
أن تجد  من يرى الفراق كنكهة  من نكهات فرحة الإجازة لا أقل
وتجد الآخر يتجرعه مُراً بلا إضافات أخرى
هل يستويان مثلاً ؟؟
عفواً عزيزي القارئ
هذه مجرد .. فضفضات رب أسرة ( موظف )






بقلمي

خالد علي الكثيري
من كتابات 2010م

No comments: